الاسناد: متفق عليه
الدرجة: صحيح
المصدر: صحيح البخاري (6/ 67) (4670)، صحيح مسلم (4/ 2141) (2774)، فتح الباري لابن حجر (8/ 335)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (18/ 273)، البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (43/ 228).
التفسير
لما مات عبد الله بن أُبيّ المشهور بالنفاق جاء ابنه عبد الله وكان مؤمنًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يعطيه قميصه ليكفِّن فيه أباه، فأعطاه قميصه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه، فقام عمر رضي الله عنه فأمسك بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله كيف تصلي عليه، وقد نهاك ربك أن تصلي عليه؟ ولم يكن قد نزل النهي الصريح، ولكن عدم الاستغفار، كما في الآية التالية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما خيَّرني الله بين الاستغفار وتركه فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة} وسأستغفر له أكثر من سبعين مرة، فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد السبعين على حقيقته، وحمله عمر رضي الله عنه على المبالغة، وفهم عمر أيضا أن المقصود الأعظم من الصلاة على الميت طلب المغفرة للميت والشفاعة له فلذلك استلزم عنده النهي عن الاستغفار ترك الصلاة، قال عمر: إنه منافق، وإنما جزم بذلك جريًا على ما كان اطلع عليه من أحواله، ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وصلى عليه إجراءً له على ظاهر حكم الإسلام، فأنزل الله: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره}، وكان رأي عمر التصلب في الدين والشدة على المنافقين، وقصد عليه الصلاة والسلام الشفقة على من تعلق بطرف من الدين والتألف لابنه ولقومه، فاستعمل أحسن الأمرين وأفضلهما، وذلك لتطييب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح، ولتأليف قومه من الخزرج لرياسته فيهم، فلو لم يجب سؤال ابنه، وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح، لكان سُبَّةً على ابنه، وعارًا على قومه، فاستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نهي عنه فانتهى، وهذا من حكمة الله تعالى في نزول الأحكام الشريعة.