الاسناد: متفق عليه
الدرجة: صحيح
المصدر: صحيح البخاري (7/ 35) (5224)، صحيح مسلم (4/ 1716) (2182)، النهاية في غريب الحديث والأثر (921) (636) (664)، عمدة القاري شرح صحيح البخاري (20/ 208)، إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (8/ 111).
التفسير
أخبرت أسماء بنت أبي بكر الصديق أن الزبير بن العوام تزوجها، ولم يكن عنده حينئذٍ إبلٌ أو أرضٌ للزراعة أو خادمٌ غيرَ بعير يستقي عليه، وغير ما لا بد له منه من مسكن ونحوهما، فكانت تعلف له الفرس وتسقيه الماء، وتخيط دلوه وتعجن دقيقه، وأَخبرت أنها كانت لا تستطيع أن تخبز، وكان لها جاراتٌ من الأنصار يخبزن، وكنَّ نساءً صالحاتٍ مع حسن العشرة والوفاء بالعهد ورعاية حق الجوار، وكانت تنقل النوى، وهو عجم التمر، لعلف الفرس، من أرضه التي أعطاها له النبي صلى الله عليه وسلم على رأسها، والأرض تبعد منها ثلثي فرسخ، والفرسخ ثلاثة أميال كل ميل أربعة آلاف خطوة، فبينما كانت تحمل النوى على رأسها يومًا، إذ لقيت النبي صلى الله عليه وسلم معه ناس من الأنصار، فدعاها النبي صلى الله عليه وسلم لتركب خلفه، فأخبرت أسماء أنها استحيت أن تسير مع الرجال، وتذكرت غيرة زوجها الزبير، وقد كان رجلًا كثير الغيرة، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنها استحيت فذهب، فلما لقيت أسماء زوجها الزبير أخبرته بما حدث لها مع النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: والله إن حملك النوى أشد عليّ من ركوبك مع النبي صلى الله عليه وسلم، إذ لا عار في الركوب معه عليه الصلاة والسلام، بخلاف حمل النوى فإنه ربما يُتوهم منه خسة نفسه أو قد يظهر من جسدها شيء، وكانوا أحرص شيء على الستر والعفاف، وأما وجه صبره على ذلك وسكوت زوجها وأبيها على ذلك فلكونهما مشغولين بالجهاد وغيره، ثم أخبرت أن أبا بكر أرسل لها خادمًا بعد ذلك ليقوم بمهام الفرس، فكأنه اعتقها لشدة ما كانت تلقاه.