الاسناد: رواه الترمذي
الدرجة: حسن
المصدر: سنن الترمذي (5/ 312) (3368)، تحفة الأحوذي (9/ 214).
التفسير
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عندما خُلق آدم عليه السلام ونُفخ فيه الروح عطس آدم، فقال: الحمد لله. فحمد الله بقضائه وقدره وبتيسيره وتوفيقه، فقال له الله عز وجل: رحمك الله يا آدم. وأمره بأن يذهب إلى الملائكة، وقال الله تعالى: (أولئك) مشيرًا به إلى ملأ منهم جالسين، فقل: السلام عليكم. فذهب آدم إليهم فقال: السلام عليكم. فقالوا: وعليك السلام ورحمة الله. ورجع آدم إلى ربه، فقال الله سبحانه: إن هذه الكلمات المذكورة تحيتك أنت وتحية ذريتك فيما بينهم عند ملاقاتهم، فهذه سنة قديمة، وقول أبي ذر: (فكنت أول من حياه بتحية الإسلام) يعني أول من حيا النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الناس تركوا تحية آدم وأحياها الإسلام، فقيل: تحية الإسلام، ثم قال الله لآدم ويداه مقبوضتان: اختر أيهما شئت، فاختار اليد اليمنى، وقال: كلتا يدي ربي يمين مباركة، يحتمل أن يكون كلام آدم أو من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم فتح الرب سبحانه وتعالى يمينه فإذا موجود فيها آدم وذريته، فسأله: أي رب ما هؤلاء؟ فقال له: هؤلاء ذريتك، يحتمل كل ذريته ويحتمل من كونهم في اليمين اختصاصهم بالصالحين من أصحاب اليمين والمقربين، وكل إنسان منهم مكتوب عمره الذي سيعيشه بين عينيه، وكان فيهم رجل أضوؤهم، أو من أضوئهم دلالة على أن لكلهم ضياء لكنه يختلف فيهم بحسب نور إيمانهم، فسأل ربه عز وجل: من هذا؟ فهو ذكر أولًا: (ما هؤلاء) بصيغة (ما)؛ لأنه ما عرف ما رآه، ثم لما قيل له هم ذريتك فعرفهم قال: (من هذا)، بصيغة (من)، فقال: هذا ابنك داود قد كتبت له أن يعمر أربعين سنة، قال: يا رب زده في عمره من عندك وفضلك، فقال: هذا الذي كُتب له من عمره فلا مزيد على ذلك ولا نقصان، فقال آدم: يا رب إذا أبيت من عندك فإني قد جعلت له من جملة مدة عمري وسنيه ستين سنة تكملة للمائة، والمراد بهذا الخبر الدعاء والاستدعاء من ربه أن يجعله سبحانه كذلك، قال: فأنت مع مطلوبك مقرونان، وتمت الموافقة، ثم أُسكن آدم الجنة ما شاء الله، ثم أُنزل من الجنة، وكان آدم يعد ويقدر لنفسه ويراعي أوقات أجله سنة فسنة، فجاءه ملك الموت امتحانا بعد تمام تسعمائة وأربعين سنة، فقال له آدم: قد استعجلت وجئت قبل أوان الأجل، فإنه مكتوب لي أن عمري ألف سنة، قال: نعم ولكنك أعطيت ابنك داود ستين سنة. فأنكر آدم فأنكرت ذريته بناء على أن الولد يشبه أباه، ونسي آدم فنسيت ذريته، والظاهر أن معناه أن آدم نسي هذه القضية فجحد فيكون اعتذارًا له، إذ يبعد منه عليه السلام أن ينكر مع التذكر، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فمن ذلك اليوم أُمر الناس أو الغائب بكتابة القضايا والشهود فيها؛ لأنه جاء في رواية أنه كُتب الإقرار على آدم عندما وهب داود من عمره، وأبرزه الملك عندما جحد.